2008-03-13

قلب إسرائيل حينما يتألم!!


قلب إسرائيل حينما يتألم

شكلت العملية الفدائية التي وقعت مساء الخميس الماضي (6/3) في القدس الغربية وأبادت نحو ثمانية وأصابت العشرات من طلاب معهد صهيوني متطرف ضربة نوعية لنظرية الأمن لإسرائيل، وخلفت من ورائها قلب الكيان الإسرائيلي ينزف دمًا ويتألم وجعًا, وما عادت تغنيه مسكنات الإدانة التي تسابق فيها الغرب وبعض أتباعهم في سلطة رام الله.

وفي هذا التقرير الإخباري نحاول أن نلقي مزيدًا من الضوء على تلك العملية البطولية ونتوقف عند محطات رئيسة تبدأ بالتعريف بالمركز الذي استهدفته العملية, وأهمية الضربة في هذا التوقيت, ثم الغموض الهادف من وراء عدم تبنيها بشكل صريح ومباشر من قبل الفصائل الفلسطينية المعروفة, مثل حماس والجهاد, وأخيرًا انعكاسات الهجوم على العلاقة الفلسطينية ـ الإسرائيلية من واقع المتابعة للصحف العربية والعالمية التي سلطت الضوء على الحدث وتداعياته المنتظرة.

قلب إسرائيل حينما يتألم:

استهدفت العملية الفدائية معهدًا يعتبر بكل المقاييس أهم معهد ديني يهودي يمثل قلب إسرائيل, فهو أكثرها تطرفًا وتخريجًا لعتاة المستوطنين المتشددين في الضفة الغربية.

ويقول الصحافي الإسرائيلي أفيشاي بن حاييم في تقرير له في صحيفة "معاريف" (7/3): إن منفّذ العملية "قصد لب لباب الصهيونية الدينية: مدرسة "مركز هاراف" التي هي إحدى المؤسسات التعليمية ذات النفوذ الأكبر على إسرائيل بعد العام 1967".

ويقول هذا المركز المتطرف في موقعه على شبكة الإنترنت: إن هدفه هو "تربية وتعليم وإعداد علماء وزعماء إسرائيل, ممن هم مفعمون بحب عميق لإخوتهم اليهود ومنغمسون في حبهم للتوراة وحب أرض إسرائيل".

وقد نشرت صحيفة ذي إندبندنت (7/3) ورقة تعريفية بالمركز المعروف بـ"هاراف" فقالت: إنه تأسس عام 1924 أي قبل الإعلان عن إسرائيل بـ24 عامًا، على يد إبراهيم إسحق كوك الذي كان آنذاك أول حاخام يهودي في فلسطين, وقد ظل هذا المركز يوفر تعليمًا دينيًا يعتمد اعتمادًا صارمًا على تعاليم التوراة.

لكن مركاز هاراف الواقع في منطقة كريات موشي بالقدس الغربية أقيم أيضًا ليمثل أرضية خصبة لإعداد الموالين المخلصين لإسرائيل, ولذلك اقترن اسمه بحركة الاستيطان في الضفة الغربية.

ويعتبر المعهد مركزًا للتيار الديني الصهيوني الذي تقوم عقيدته الدينية والفكرية على أنه يتوجب على اليهود أن يقيموا دولة لهم على اعتبار أن ذلك شرط لعودة "المسيح المخلص"، لذلك فإن أتباع هذا التيار وبخلاف التيار الديني الأرثوذكسي، يلتزمون بالخدمة العسكرية في صفوف الجيش, ولذا يعمل عدد من خريجي هذا المركز قضاة وحاخامات في المدن والمستوطنات الإسرائيلية, وكذلك في صفوف القوات الإسرائيلية.

الأهمية البالغة لعملية القدس:

اعتبر خبراء عسكريون نجاح العملية نقلة نوعية خطيرة في العمليات الفدائية, من حيث إنها أكدت مجددًا أن البنية التحتية للمقاومة لا تزال قائمة وتستطيع توجيه ضربات، كما أنها نجحت في العمل بسرية عالية, أذهلت كافة المتابعين بما فيهم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.. وبدا ما قام به الفدائي علاء هشام أبو دهيم (25 عامًا) ـ تبعًا لموشيه روزمباوم محلل شئون الشرطة في القناة العبرية الثانية ـ أشبه بما يحدث في أفلام الحركة في هوليود، حيث يقتحم البطل المكان ويبدأ بإطلاق النار ويغير مخازن الرصاص دون أن يأبه بما يواجهه حتى ينتصر.

فهذه العملية الاستشهادية، التي خططت بعناية شديدة ووقعت في منطقة بعيدة عن المناطق الفلسطينية تكتسي أهمية قصوى لأكثر من سبب, كما يقول محرر شئون الشرق الأوسط بصحيفة جارديان إيان بلاك في مقال كتبه حول العملية.

1ـ فهي أول عملية في القدس منذ أربع سنوات, منذ هجوم فلسطيني في فبراير 2004 والذي أسفر عن مقتل ثمانية إسرائيليين كذلك.

2ـ يبدو أنها بعثت برسالة مفادها أن هجمات إسرائيل على أعدائها في غزة أو لبنان أو سوريا لن تمر بسلام.

3ـ تعزز الفرضية القائلة بأن أي عمل يتم في أي جبهة سيحفز لرد على جبهة أخرى.

4ـ ستجعل تحقيق تقدم في عملية السلام المترنحة أصلاً أصعب من أي وقت مضى.

الدلالات الأمنية والسياسية:

على خط الدلالات, وفي سياق تحليلها لعملية القدس، قالت الدستور الأردنية: إنها دليل ورسالة على أن مبدأ الاستفراد بغزة، وقصفها وقتل أهلها وناسها، واجتياحات الضفة الغربية، وتوقع عدم الرد طوال الفترة الماضية، كان مبدأً فاشلاً، فلربما اعتقدت المؤسسة الإسرائيلية، أن حركات المقاومة أفلست ولم يعد لديها شيء، فواصلت عملياتها ضد الشعب الفلسطيني، دون أن تتوقع أي عملية في مثل هذا التوقيت.

وقالت الصحيفة: إن العملية ليست معزولة عما خلفها من رسائل بالغة الدلالة، من أن مبدأ الرد بات مفتوحًا، على مصراعيه، وأن علينا أن نتوقع عمليات أخرى، ما دامت المؤسسة الإسرائيلية تواصل ذات الأسلوب.

فإسرائيل التي اطمأنت خلال الفترة الماضية أن الرد الفلسطيني يتلخص بتلك الصواريخ التي يتم إطلاقها في غزة، فحصرت توقعاتها وخططها في قطاع غزة، في حين يأتي الرد في القدس، فهذه رسالة أخرى، أن العمليات مفتوحة على كل الأرضي الفلسطينية، وأن من يقتل في غزة عليه أن يتوقع الرد في القدس وحيفا ويافا، وفي أي مكان، ما يعني أن المعركة مفتوحة ولا حد لها أبدًا.

أما عن الدلالات الاستخبارية والأمنية في تلك العملية فقد لخصها عدنان أبو عامر المحلل والخبير في الشئون الصهيونية في حديث لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": قائلاً: "من الواضح أن العملية جاءت في التوقيت والمكان ذي دلالة استخبارية أمنية، إذ بعيدًا عن الأحداث فالقدس والجزء الغربي منها تحديدًا هو بمثابة ثكنة عسكرية من شرطة الاحتلال وحرس حدوده وغيرها من أجهزة الأمن التي تعتبر القدس "الحديقة الخلفية" الآمنة في الكيان".. وتنفيذ العملية في ذروة التصعيد الصهيوني في غزة وتوقع الاحتلال له دلالة كبيرة.. لذلك من المتوقع أن تطيح هذه العملية بأحد الرءوس الكبيرة في شرطة الاحتلال لفشله الذريع في إفشالها.

الغموض الهادف..

أصبح الغموض هو سيد الموقف حول هوية الجهة التي نفذت تلك العملية الفدائية، واحتفظت جميع الأطراف المحتملة الصمت أو التمويه، وهو فيما يبدو اتفاقًا أو إستراتيجية مرحلية جديدة لإخفاء الجهات المنفذة، ولو لفترة وجيزة، ثم الإعلان لاحقًا، أو عدم الإعلان كي يتفرق دم القتلى بين القبائل.

وكانت البداية مع ما تسمى "كتائب أحرار الجليل ـ مجموعة عماد مغنية" وشهداء غزة، والتي سارعت فضائية المنار التابعة لحزب الله بإعلان تبني الكتائب للهجوم, وهي مجهولة إلى حد كبير حتى الآن, وقامت ببعض العمليات النادرة خلال الأعوام الأربعة الماضية, والتي أفضت إلى خطف وقتل أحد الجنود والمستوطنين.. وتسعى إسرائيل لربطها تنظيميًا بحزب الله اللبناني.

سبب آخر للغموض القائم وراء العملية جاء نتيجة ما نقلته وكالة رويترز (7/3) للأنباء عن مسئول لم يفصح عن هويته في حماس أن المنظمة تعلن مسئوليتها الكاملة عن عملية القدس الغربية، وأنها ستكشف التفاصيل في مرحلة لاحقة", إلا أنه بعد ساعات، صرح أبو عبيدة، الناطق باسم الجناح العسكري لحركة حماس لقناة الجزيرة الفضائية، بأن الهجوم "شرف لم ندّعِه بعد".

انعكاسات الهجوم ورد الفعل الإسرائيلي المتوقع:

تحدثت صحيفة التايمز في انعكاسات العملية الفدائية في القدس الغربية على ما يسمى عملية السلام بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين", وقال الكاتب الصحافي ريتشارد بيستون: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أصبح أمام خيارات محدودة, فقد أصبح يتعين عليه إما الاستجابة للضغوط الداخلية وشن عملية عسكرية واسعة النطاق لإعادة الاستيلاء على قطاع غزة، أو حظر حركة الفلسطينيين للعمل داخل إسرائيل.. وفي الحالة الأولى, يقول الكاتب: يمكن أن يسقط مئات الضحايا من الفلسطينيين دون أن تتوفر ضمانات لتحقيق النجاح، وفي الحالة الثانية يمكن أن يتسبب التصرف الإسرائيلي في تقويض أي آمال لا تزال تبدو معلقة على عملية السلام مع حركة فتح بزعامة محمود عباس.

أما تيم بوتشر مراسل صحيفة ديلي تلجراف في القدس فقد اعتبر في مقال له تحت عنوان "آمال السلام في الشرق الأوسط تبددت" أن الهجوم سيتذكره الناس على أنه اللحظة التي ماتت فيها عملية السلام وعلى المدى القصير لن يكون بإمكان أي زعيم إسرائيلي أن يجلس مع أي زعيم فلسطيني.. وأن صور جثث الطلاب اليهود ومآتمهم في التلفزيون في الأيام القادمة لن تترك لحكومة أولمرت هامشًا للمناورة.

وعن رد الفعل الإسرائيلي المتوقع على الهجوم, فقد تناولته صحيفة "ديلي تليجراف" اليمينية, وتحدثت عن خمس اختيارات أمام قادة إسرائيل:

1- عدم فعل أي شيء والاستمرار في عملية السلام مع حركة فتح مع اعتبار حماس والجهاد عدوتين خطيرتين.

2- الضرب بشدة على أيدي عرب القدس الشرقية, على اعتبار أن القدس الشرقية كانت دائمًا تعتبر الجزء الرخو في بطن المؤسسة الأمنية.

3- قمع الجماعات المسلحة في غزة، وهو ما تفعله إسرائيل منذ سنوات دون أن تحقق نجاحًا يذكر حسبما تقول الصحيفة.

4- التصدي للجماعات المسلحة في الضفة الغربية التي كانت إسرائيل قد تساهلت معها في الفترة الأخيرة.

5- أن تقرر إعادة رسم خريطة إسرائيل الأبدية مع نقل 1.2 مليون عربي إلى الضفة الغربية بعد تعديل حدودها, وهذه الفكرة الأخيرة تلقى تأييد بعض البرلمانيين الإسرائيليين رغم أنها ستعتبر "اختيارًا كارثيًا" من جانب كثيرين في المجتمع الدولي.

وأخيرًا نقول: إن هذه العملية الاستشهادية التي تأتي في سياق رد الفعل على المجزرة الصهيونية التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد المدنيين في غزة والتي أسفرت عن ارتقاء نحو 130 شهيدًا وأكثر من 350 جريحًا، وفي سياق حرب التحرير لكل فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر ستبقى برغم مرور الأيام جرحًا غائرًا في قلب الكيان الذي ما زالت دماؤئه نازفة يرتجف من هول القادم.. وما هو ببعيد


1 comment:

عبد الرحمن مدني said...

كل سنه وانو طيبين
وانتو بصحه وسلامه
ايه رأيكو نزور مدونه اخوان ستايل
يوم السبت كلنا
فيها مواضيع ونيولك فظيعه هيبدأ من يوم السبت يلا بيناااااااااا